مقال: تقدير الفَرْج والمهبل
قوالب للفَرْج من أعمال الفنانة ليديا ريفز (بالإنجليزية Lydia Reeves) عبر إنستغرام
English version of In Appreciation of Vulvas and Vaginas
ترجمة هبة مصطفى
لنتذكر في اليوم العالمي لتقدير المهبل في عالم يعتبر فيه النظام الأبوي "المهبل"، و"الكُس"، و"الفَرْج" كلمات أنثوية في جوهرها وفي الوقت ذاته يعتبرها دنِسة بطبيعتها أننا عندما نستخدم كلمة "المهبل" فإننا غالباً ما نعني "الفَرْج"، وأنه ليس لدى جميع النساء مهبل (أو فَرْج) أو كُس، وأنه ليس لدى النساء المتوافقات الجنس وحدهن مهبل (أو فَرْج) أو كُس، وأنه يمكننا جميعاً أن نكون أكساساً، ولنقل اليوم – وكل يوم – للنظام الأبوي الداعم للتوافق الجنسي والمعيارية المغايرة أن ينيك نفسه بعيداً عنا.
الفَرْج هو الجزء الخارجي من الأعضاء التناسلية، ويشمل الشفرتين، والبظر، وفتحة الإحليل (الفتحة التي تتبول/ين منها أسفل البظر مباشرةً)، والفتحة المهبلية (الفتحة التي يخرج منها دم الحيض من جسدكِ/كَ أسفل فتحة الإحليل (مجرى البول) مباشرةً والعجان (بَضع الفَرْج)، أما المهبل فهو الأنبوب الذي يربط الفَرْج بعنق الرحم.
المهبل، وهو جزء من الأعضاء التناسلية الداخلية، هو القناة التي تربط الفتحة المهبلية بعنق الرحم، وهو الموضع الذي يدخل فيه القضيب، والأصابع، والألعاب الجنسية عند ممارسة الجنس الإيلاجي والذي يخرج منه دم الحيض والأطفال.
نشأتُ أنا وإخوتي على مناقشة المصطلحات الطبية على الإفطار، والغداء، والعشاء لأن والدينا طبيبان، ولهذا لم تكن كلمة "الفَرْج" كلمةً عليّ أن أتعلمها، لكنها كلمة عليّ أن أتذكر استخدامها لأني – مثل كثيرين – استخدمتُ كلمة "المهبل" لسنوات طوال للإشارة إلى كل شيء له علاقة بأعضائي التناسلية، ونادراً ما يعرف من لديهن/م مهبل وفَرْج كيف تبدو هذه الأجزاء من أجسادنا ناهيكن/م عن مسمياتها الفعلية أو التغيرات التي تطرأ عليها مع تقدمنا في العمر.
لا يستخدم النظام الأبوي الكلمات المستخدمة لوصف أعضائنا التناسلية ككلمات للسباب فحسب، بل يعاقبنا إذا ما استخدما نحن كلمات السباب هذه ذاتها (التي، لعلمكن/م، تصف أجزاء أجسادنا) حتى وإن استخدمناها كما هو مقصود منها فحسب، أي ككلمات تشريحية.
تذكّرن/وا في اليوم العالمي لتقدير المهبل أن شهر يونيو/حزيران المقبل سيوافق الذكرى العاشرة لمنع نائبة الحزب الديمقراطي في ولاية ميتشغان ليزا براون من مخاطبة زملائها/زميلاتها النواب/النائبات بعد أن تقرر أنها "خالفت آداب المجلس" لاستخدامها كلمة "المهبل" خلال نقاش حول مشروع قانون مناهض للإجهاض مثير للجدل، وقد كان مشروع القانون جزءاً من حزمة من التشريعات المقترحة التي دفع بها الجمهوريون المتحمسون دائماً وأبداً للحد من قدرة النساء المتوافقات الجنس على التحكم في إنجابهن أو القضاء عليها، بل وفي هذه الحالة الحد مما يمكن لامرأة قوله عن جزء من جسدها بينما تُطرَح سلامتها الجسدية للنقاش والتصويت.
كيف خالفت ليزا براون "آداب المجلس" تحديداً؟ خاطبت براون، وهي أم لثلاثة أطفال عارضت مشروع القانون لأنه يتعارض مع معتقداتها اليهودية، المجلس قائلةً "السيد/ رئيس المجلس، أشعر بالإطراء لاهتمامكم الشديد جميعاً بمهبلي، لكن ’لا‘ تعني ’لا‘"، وبهذا رأى المجلس أن امرأةً لديها مهبل مذنبةً بمخالفة "آداب" المجلس لتجرؤها على استخدام كلمة "مهبل" خلال مناقشة بين المُشرّعين حول قانون مقترح من شأنه أن يسيطر بالأساس على المهبل. تذكّرن/وا أن قواعد الآداب قد وضعها الرجال من أجل الرجال للتحكم في موضع تخيلوا أنه سيكون دائماً للرجال وعنهم فأتت الفتيات وأفسدن عليهم ذلك كله.
لهذا أقول "نيكاً للنظام الأبوي".
لخّص مايك كالتون، وهو مُشرّع جمهوري أبدى اعتراضه على اللغة التي استخدمتها براون، عبثية الأمر على نحو جلي وواضح عندما قال: "كان هذا مسيئاً للغاية لدرجة أنني لا أريد حتى أن أكرره على مسامع النساء، ولن أقوله في صحبة مختلطة من الرجال والنساء".
لا يستخدم النظام الأبوي الكلمات المستخدمة لوصف أعضائنا التناسلية ككلمات للسباب فحسب، بل يعاقبنا إذا ما استخدما نحن كلمات السباب هذه ذاتها (التي، لعلمكن/م، تصف أجزاء أجسادنا) حتى وإن استخدمناها كما هو مقصود منها فحسب، أي ككلمات تشريحية.
يريد النظام الأبوي السيطرة على مهابلنا، بل ويريد التحكم فيمن لديه الحق في قول كلمة "مهبل"، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يصيح النظام الأبوي في وجهنا بكلمة "الآداب" عندما نتجرأ على المقاومة، فما الذي كان "مسيئاً للغاية" لدرجة أن كالتون لم يستطع تكراره في صحبة مختلطة؟ أهي كلمة "مهبل"؟ أم أن امرأة لديها مهبل تخبر الرجال الذين يحاولون فرض السيطرة على المهبل بأنها تقاوم؟ أم كلمة "لا" التي تعلن الاستقلالية والوكالة؟ فكيف تجرؤ امرأة على إعلان الاستقلالية! كيف تجرؤ امرأة على المطالبة بالوكالة على جسدها! أم الإشارة إلى الجنس ضمنياً في كلمات براون حين قالت: "السيد/ رئيس المجلس، أشعر بالإطراء لاهتمامكم الشديد جميعاً بمهبلي، لكن ’لا‘ تعني ’لا‘"؟ هل الجنس دنِس؟ لِمَ الجنس دنِس؟ أم أن بتلميح براون إلى الجنس كانت تذكّر الجميع بأن معارضة المحافظين للإجهاض لا تتعلق بشواغلهم المعلنة إزاء الأجنّة بقدر ما تتعلق بالسيطرة على رغبات النساء ووكالتهن الجنسية ومعاقبتهن عليها؟
الإجابة هي كل ما سبق، ولهذا أُصر على قول " نيكاً للنظام الأبوي".
أدت المجموعة النسوية وفرقة الروك الروسية "بوسي ريوت" (بالإنجليزية Pussy Riot، وتعني حرفياً "شغب الكُس")، قبل عشرة أعوام أيضاً، "صلاةً" متمردة على أنغام موسيقى البانك داخل كاتدرائية المسيح المُخلّص في موسكو هزّت كيان مجموعة من آباء النظام الأبوي وتجاوزاتهم وفظائعهم، بمن فيهم بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية كيريل الأول والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظامه الاستبدادي، وعلى إثر ذلك حُكِم على ثلاث من عضوات الفرقة بالسجن لمدة عامين في مستعمرة عقابية عقاباً لهن، وفي فيلم وثائقي حول المجموعة أوضح عدد من الرجال الذين تم مقابلتهم أن "التهمة" لم تكن مجرد استخدام كلمات بذيئة "أهانت" بوتين وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بل كلمة "كُس" نفسها الموجودة في اسم المجموعة.
كيف تجرؤ النساء على ربط النظام الأبوي لرئيس بلادهن المستبد باستبداد بطاركة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الذين يدعمونه وكيف تجرؤن على استخدام كلمة تُذكّر بالمهبل والفوضى؟ كيف تجرؤن على استخدام كلمة تجبر الرجال ليس على تصور مهبل فحسب بل مهبل ينتفض ضد النظام الأبوي؟ كيف تجرؤ النساء على استخدام كلمة تنتمي للنظام الأبوي – لأن الكُس، بالطبع، ملك للنظام الأبوي – كجزء من اسم مجموعتهن النسوية الموسيقية التي تطالب بتحرر الكُس من النظام الأبوي؟!
تذكّرن/وا أنه عندما تتحد أبوية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية مع أبوية بوتين، تتعرض النساء والأطفال وأفراد مجتمع الميم عين للأذى.
كيف تجرؤ النساء على استخدام كلمة تنتمي للنظام الأبوي – لأن الكُس، بالطبع، ملك للنظام الأبوي – كجزء من اسم مجموعتهن النسوية الموسيقية التي تطالب بتحرر الكُس من النظام الأبوي؟!
لنتذّكر في اليوم العالمي لتقدير المهبل أن سميحة حسين قد أشارت العام الماضي في "الموجزات الإخبارية العالمية" التي تعدها بصفتها أحد المساهمات في رسائلي الإخبارية "العملاقة النسوية" أن الفَرْج والمهبل تُعتبرَان كلمتان فاحشتان ويمكن أن يؤدي استخدامهما إلى العقاب في بلدين اثنين على الأقل، ففي ماليزيا اضطرت شركة "ليبرس" (بالإنجليزية Libresse) لمنتجات النظافة الصحية أثناء الدورة الشهرية إلى سحب إعلان يظهر فيه تصميم زهرة على شكل فَرْج بعد أن اعتبره المحافظون المتدينون "عاراً على النساء" وفي روسيا خضعت الفنانة والناشطة من مجتمع الميم عين "يوليا تسفيتكوفا" للمحاكمة بسبب أعمالها الفنية التي تركز على المهبل على الإنترنت بتهمة "الإباحية".
لا يسلبنا النظام الأبوي الداعم للتوافق الجنسي والمعيارية المغايرة الكلمات التي تصف أعضائنا التناسلية فحسب بل يستخدمها كألفاظ نابية ضدنا ويعاقبنا على مجرد استخدامنا للاسم الذي يُطلَق فعلياً على جزء من أعضائنا التناسلية، وكما تكتب ميريام غوربا بصورة قاطعة، تفرض الاستعلائية البيضاء أيضاً هيمنتها على أكساسنا بدايةً من تصوراتها حول "الأفخاذ بيضاء اللون مثل الفانيلا الشفرات الوردية الزاهية" في المواد الإباحية التي صادفتها لأول مرة في منزل أحد أصدقائها في المدرسة الابتدائية وحتى قبعات الكُس وردية اللون في "المسيرة النسائية".
تذكّرن/وا أنه ليست كل الأكساس وردية اللون.
وإذا كنتن/م تعتقدن/تعتقدون أننا كلما تقدمنا في السن أصبحنا أكثر ارتياحاً في الحديث عن فروجنا، ومهابلنا، وأكساسنا، فإنكن/م لم تسمعن/وا بالصمت الذي تواجهه أعضاؤنا التناسلية مع تقدمنا في العمر، لا سيما عندما نمر بمرحلة انقطاع الطمث، وهو صمت يتفاقم بفعل التمييز ضد كبار السن، والخزي، والوصم الذي لا يزال يكتنف الحديث حول انقطاع الطمث والطرق التي يؤثر بها على أجسادنا، خاصةً الفَرْج والمهبل.
لهذا كتبتُ مقال ترطيب المهبل واستهللته واختتمته بتذكير الجميع بأنه لا يمكن لأحد أن يشعرك بالخزي، إذا كنت لا تعرف/ين الخجل.
"نحن في عام 2022، وهناك مليارديرات يسافرون إلى الفضاء، ومع هذا لا يزال هناك 73% من النساء لا يعرفن الفرق بين المهبل والفَرْج".
ما هي الأسباب التي دفعت 68 بالمائة من النساء اللاتي بلغن مرحلة انقطاع الطمث وشملهن استطلاع أجرته شركة "بونافيد" (بالإنجليزية Bonafide) إلى عدم استخدام العلاجات المهبلية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية مطلقاً على الرغم من أنه يمكن لمرطب المهبل معالجة جفاف المهبل والجنس المؤلم إن لم تكن الخزي والجهل بأعضائنا التناسلية اللذين يتفاقمان بفعل التمييز ضد كبار السن، ومن بين 58,703 شخصاً شاركوا في اختبار تقييم أجرته شركة "كندرا" (بالإنجليزية Kindra)، أشار 70 بالمائة إلى جفاف المهبل باعتباره شاغلهن/م الرئيسي في مرحلة انقطاع الطمث بينما أشار 40 بالمائة إلى الجنس المؤلم باعتباره شاغلهن/م الرئيسي في هذه المرحلة.
"نحن في عام 2022، وهناك مليارديرات يسافرون إلى الفضاء، ومع هذا لا يزال هناك 73% من النساء لا يعرفن الفرق بين المهبل والفَرْج" – هذا ما ذكرته شركة كندرا في بيان أطلقت به حملتها "اعرف/ي نفسك، اعرف/ي مهبلك وفرجك" لإزالة الوصم المرتبط باستخدام الكلمات الصحيحة التي تشير إلى أعضائنا التناسلية وأشارت في بيانها أيضاً إلى استخدام الشركة لحرف "V" في اسم منتج جديد لأنسجة الفَرْج والمهبل الحساسة لدى الأشخاص الأكبر سناً عوضاً عن كلمتي "المهبل" أو "الفَرْج" (في الإنجليزية Vagina وVulva على التوالي) لأنها تواجه "الرفض والرقابة عند استخدام هذه الكلمات التشريحية حتى في تعليق على صورة" على مواقع التواصل الاجتماعي.
المرطبان المهبليان اللذان أستخدمهما: "ريباجين" (Repa Gyn) متاح في كندا و"ريفاري" (Revaree) متاح في الولايات المتحدة عبر شركة بونافيد
أنا من أشد المعجبين بمنتجات شركتي "بونافيد" و"كندرا"، بما في ذلك لبوس للترطيب المهبلي تنتجه بونافيد وغسول مرطب لفَرْجي تنتجه كندرا، وأنا لم أقبل الحصول على أي مقابل مالي، أو منتجات مجانية، أو تخفيضات نظير الإشارة إلى أي من المكملات التي أستخدمها، وقد أشرتُ إليها لأنها تفيدني ولأنها لا تحتوي على أي هرمونات.
هناك بديل أرخص لهذين المنتجين هو "كوش كوينش" (Kooch Quench) الذي تنتجه شركة "فات آند ذا مون" (بالإنجليزية Fat and the Moon) وقد أوصى لي به شخص لطيف على تويتر لا يمكنني العثور على اسم المستخدم الخاص به.
مرطبا الفَرْج اللذان أستخدمهما من إنتاج شركة كندرا (على اليسار) وشركة فات آند ذا مون (على اليمين)
أصررن/أصروا في اليوم العالمي لتقدير المهبل على استخدام الكلمات الصحيحة لوصف أعضائكن/م التناسلية واستحوذن/وا على الكلمات واستخدمنها/استخدموها دون خجل، وافعلن/وا هذا وأنتن/م تفهمن/تفهمون أنه من الثوري الإصرار على ملكية أجسادكن/م وأنه من الثوري رفض الوصم والخزي والمطالبة عوضاً عن ذلك باستخدام الكلمات الصحيحة للإشارة إلى أعضائكن/م التناسلية.
يصر النظام الأبوي على التحكم في أفواهنا ومهابلنا وبالتبعية كل شيء يدخل هذه الفتحات ويخرج منها، ويصر النظام الأبوي على أنه يحق له وحده مراقبة هذه الفتحات، ويحتفظ النظام الأبوي لنفسه بسلطة الإساءة، وسلطة البذاءة، وسلطة تسمية أجزاء من أجسادنا عندما يرغب في ذلك وتحديد نوعها الاجتماعي واستخدامها ضدنا ومعاقبتنا على التجرؤ على التفكير بأن هذه الأجزاء من أجسادنا ملك لنا، سواء اسمياً أم فعلياً.
رسالتي التي أوجهها للنظام الأبوي في اليوم العالمي لتقدير المهبل واضحة: ابقَ بعيداً عن مهبلي إلا إذا كنتُ أريدك داخله.
منى الطحاوي كاتبة نسوية ومُعلّقة ومخرّبة للنظام الأبوي. يستهدف كتابها الأول الحجاب وغشاء البكارة: لماذا يحتاج الشرق الأوسط إلى ثورة جنسية (2015) النظام الأبوي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بينما ينقل كتابها الثاني الخطايا السبعة الضرورية للنساء والفتيات (2019) تخريبها للنظام الأبوي للعالم بأسره، وهو متاح الآن في إيرلندا والمملكة المتحدة. وقد نُشرَت تعليقاتها وآراؤها في الكثير من وسائل الإعلام حول العالم، كما أنها تصدر مقالات فيديو وتكتب رسائل إخبارية بعنوان "العملاقة النسوية" FEMINIST GIANT.
ستبقى رسائل "العملاقة النسوية" الإخبارية مجانية دائمًا لأنني أريدها أن تكون متاحة للجميع، لكن إذا قررتن/م اختيار الاشتراك المدفوع فأشكركن/م على ذلك! وممتنة لدعمكن/م! وإذا أعجبكن/م مقالي هذا وأردتن/م دعم كتاباتي بصورة أكبر، فيمكنكن/م الإعجاب/التعليق أدناه ومشاركته مع الآخرين والاشتراك باشتراك مدفوع – إذا لم تكنّ/تكونوا قد قمتن/م بذلك بالفعل – أو إهداء الاشتراك لشخص آخر اليوم.