مقال: الخطايا السبعة الضرورية لمقاومة حظر الإجهاض
الإجهاض حق من حقوق الإنسان وليس منحة أو مكافأة يتعين علينا أن نكسبها
Photo: Robert E. Rutledge
English version of The Seven Necessary Sins for Fighting Abortion Bans
ترجمة هبة مصطفى
تشير مسودة رأي مسرّبة إلى أن المحكمة العليا الأمريكية على وشك نقض الحكم التاريخي الصادر في قضية "رو ضد وايد" (بالإنجليزية: Roe V. Wade) في عام 1973 والذي شرّع الإجهاض على مستوى البلاد، وسيترتب على الحكم الذي يُتوقَّع أن تصدره المحكمة العليا هذا الصيف أن يتعرض الأشخاص الذين يعيشون في 24 ولاية لحظر فوري للإجهاض، ويمثل كتابي "الخطايا السبعة الضرورية للنساء والفتيات" (بالإنجليزية: The Seven Necessary Sins for Women and Girls) مانفيستو (بياناً) لتدمير النظام الأبوي من خلال سمات ليس من المفترض أن نتسم بها، أو نفعلها، أو نريدها، وهي الغضب، وجذب الانتباه، والبذاءة، والطموح، والقوة، والعنف، والشهوة، وأنا أؤمن بأن هذه السمات تشكل خريطة طريق لمقاومة حظر الإجهاض في كل مكان، مع التركيز بصفة خاصة على الولايات المتحدة.
الغضب
كتبت جون جوردن (بالإنجليزية: June Jordan) في عمود لها نُشِر عام 1989 في مجلة "بروغرسيف" (بالإنجليزية: Progressive): "أؤمن بأننا لن نستطيع استرجاع الحريات التي تحتاج إليها حيواتنا وزيادة هذه الحريات إلا بعد أن نعانق عدالة غضبنا".
هناك عدالة في الغضب؛ فهو الوقود الذي يشعل الثورة النسوية، وهذا وقت يجب التحلي فيه بالشجاعة، مع التركيز في شجاعتنا تلك على الغضب!
والغضب هو الاستجابة الأنسب ضد الظلم؛ فحظر الإجهاض ظلم وتجريمه لن يقضي عليه ولن يجعله نادراً، بل يجعله خطيراً ومميتاً في كثير من الأحيان للأشد فقراً وضعفاً بين من يمكنهن/م الحمل، ويضر حظر الإجهاض بالأشخاص ذوات/ذوي البشرة السوداء والملونة واللاتي/الذين يعانين/يعانون من نقص الموارد، وهن/م الأكثر تضرراً في الولايات المتحدة من وحشية النظام الأبوي الاستعلائي الأبيض وظلمه.
وما لم تكوني/تكن رجلاً سليم البدن، وأبيض البشرة، ومتوافق الجنس، ومغاير الميول الجنسية، وثرياً، فإن الغضب هو الاستجابة الأنسب ضد محكمة عليا مليئة بالمتعصبين الدينيين الذين يصرون إصراراً شديداً على إلغاء حقوق الإجهاض بعد مرور أقل من جيلين على الحكم الصادر في قضية "رو ضد وايد" والذي أصبح قانوناً للبلاد.
أنا غاضبة. لست متفاجئة، لكني غاضبة.
كنّ/كونوا غاضبات/ين؛ فالغضب هو الخطوة الأولى في توجيه إشعار إلى النظام الأبوي، وما يرتكبه من قمع، بأننا لن ننتظر بعد الآن أن يصلح من نفسه وبأننا نطالب بمحاسبته.
يريد النظام الأبوي أن يحرمنا من استجابة ضرورية ضد الظلم عندما يخبرنا بأن غضبنا خاطئ أو في غير محله؛ فالنظام الأبوي يعلم أن غضبنا سيحاسبه على أفعاله، ولهذا يفضّل أن نقوم عوضاً عن ذلك بمحاسبة ذاتية نوجّه فيها الغضب ليس إلى الخارج، إلى حيث ينتمي وإلى حيث يمكنه استهداف الظلم، بل إلى الداخل، فتكون النتيجة هي أنه بدلاً من استخدام الغضب لتدمير النظام الأبوي وظلمه، يدمرنا الغضب بالحزن، والخزي، وكراهية الذات، والصدمة.
ارفضن/وا الحزن؛ فالغضب وليس الحزن هو ما يرعب النظام الأبوي.
من حقنا أن نعلن الحرب على النظام الأبوي؛ فقد أعلن النظام الأبوي الحرب علينا بالفعل.
جذب الانتباه
أجريتُ عمليتيّ إجهاض، وقد وُلِدت في مصر لأسرة مسلمة، ولهذا أفهم مدى صعوبة أن يشارك شخص يشبهني قصة إجهاضه/ا، وأعلم كم أنه من النادر أن يجد شخص من خلفيتي نفسه/ا في سرديات الإجهاض، ولهذا السبب أعلم كم أنه من الضروري لمن يستطيعون مشاركة قصصهن/م منا جذب الانتباه وقول: استمعن/وا إلينا.
استغرق الأمر مني 25 عاماً لأكتب أخيراً عن إجهاضيّ، وقد ألهمني في ذلك وشجعني عليه النساء ذوات البشرة الملونة اللاتي تحدثن عن إجهاضهن واللاتي قلن بأنهن كن يتمنين لو رأين المزيد من الأشخاص الذين/اللاتي يشبهنهن في السرديات التي تتحدث عن الإجهاض، ولهذا طلبتُ أن تكون هناك ترجمة باللغة العربية لمقالي عن الإجهاض، ولهذا كانت هذه الترجمة للمقال الحالي.
غالباً ما تكون سرديات الإجهاض القليلة التي تُعتبَر "مقبولة" مصحوبةً بالصدمة والألم – كما لو كانا هما الثمن الذي يجب دفعه مقابل الاستقلال الجسدي.
ومن الأهمية بمكان مشاركة قصص الإجهاض التي تقول ببساطة: لم أرد أن أكون حاملاً، وفي حالتي أنا، لم أتعرض للاغتصاب ولم أكن مريضة ولم يهدد أي من الحملين حياتي ولم يكن لديّ أطفال بالفعل. كل ما في الأمر أنني لم أرد أن أكون حاملاً ولم أرد أن يكون لديّ أطفال، وأنا سعيدة لأنني أجريتُ هذين الإجهاضين؛ فقد أعطياني الحرية لأعيش الحياة التي اخترتها.
أجريتُ إجهاضاً "غير قانوني" في مصر وإجهاضاً "قانونياً" في الولايات المتحدة، وأنا أرفض سلطة الدولة، والمحكمة العليا، في تحديد ما هو "قانوني" أو "غير قانوني" عندما يتعلق الأمر بعمليتي الإجهاض اللتين أجريتهما، ولتنيك الدولة، والمحكمة العليا، نفسها بعيداً عني بآرائها وقوانينها حول ما يمكنني ولا يمكنني فعله برَحِمي؛ فأنا وحدي من أقرر من ذلك.
جذب الانتباه قوة، وعندما تجذبن/تجذبون الانتباه فإنكن/م تملكن/تملكون القوة وتنشئن/تنشئون مساحةً لأولئك اللاتي/الذين يتم إخبارهن/م بأن عليهن/م الشعور بالخجل واللاتي/الذين يتم وصمهن/م بسبب إجراء طبي يكتنفه الخزي والصمت.
تنتهي حالة واحدة من كل أربع حالات حمل بالإجهاض، وأنتَ/تِ تعرف/ين شخصاً أجرى/أجرت عملية إجهاض، وإذا لم تكن/تكوني تعرف/ين واحدةً/اً قد أجرى/أجرت هذه العملية فهذا لأنه/ا لم يخبر/تخبركَ/كِ بذلك بعد.
ما مدى ثورية جذب الانتباه إلى قصصنا؟ كان جذب الانتباه دافعاً أساسياً في ثورة النساء الأيرلنديات اللاتي حثثن مواطنيهن في عام 2018 على إلغاء التعديل الثامن للدستور الأيرلندي بأغلبية ساحقة عن طريق استفتاء، وقد جعل نجاح التصويت لصالح إلغاء هذا التعديل إصلاح قانون الإجهاض أمراً ممكناً في إيرلندا، ذلك البلد كان يحظر الإجهاض حظراً شديداً لدرجة كانت تدفع بسيل من النساء اللاتي استطعن تحمل التكلفة إلى السفر إلى إنجلترا كل عام لإجراء عملية كانت محظورة عليهن في بلدهن.
استطلاع آراء المصوتات/ين عند خروجهن/م من مراكز الاقتراع
ما هي العوامل التي أثرّت على المصوتات/ين؟
43%
القصص الشخصية التي تداولتها وسائل الإعلام
34%
تجارب الأشخاص اللاتي/الذين يعرفونهن/م
10%
الملصقات الإعلانية
استفتاء
2018
شبكة راديو وتلفزيون إيرلندا (بالإنجليزية: RTÉ)
أفاد 43 بالمائة من المصوتات/ين، في استطلاع أجرته شبكة راديو وتلفزيون إيرلندا لآرائهن/م عند خروجهن/م من مراكز الاقتراع، بأن قصص النساء الشخصية التي تداولتها وسائل الإعلام كانت الدافع وراء تصويتهن/م وأفاد 34 بالمائة بأن الدافع في ذلك كان تجارب أشخاص يعرفونهن/م، رداً على سؤال "ما هو الشيء الذي كان له أكبر الأثر على تصويتكن/م؟"
يمكن القول، بعبارة أخرى، أن جذب الانتباه قد فاز بالحرب: الاعتقاد بأن قصص النساء مهمة وأنها تستحق الانتباه؛ فالشيء الأكثر تخريبًا الذي يمكن لأي امرأة فعله هو أن تتحدث عن حياتها كما لو أنها مهمة، لأنها بالفعل مهمة.
البذاءة
نيكاً للمحكمة العليا.
ليس هذه وقت الأدب أو التأدب؛ فأنا أرفض التأدب مع متعصبين دينيين لا يعترفون بإنسانيتي الكاملة ويحرمونني من حقي الأساسي في امتلاك جسدي.
عندما يُحكم الفاشيون المنايك في بلدكِ/كَ قبضتهم على جسدكِ/كَ، فإن الطريق إلى الحرية لابد أن يكون ممهداً بالبذاءة، فالأدب استسلام.
هذا ما عرفته النساء البولنديات.
صدحت أصوات النساء الأيرلنديات في الاحتجاجات اليومية التي نظمتها المبادرة النسوية "إضراب النساء" (بالإنجليزية: Women’s Strike) احتجاجًا على فرض حظر وشيك وشبه كامل على الإجهاض بغناء "نيكاً لكم" ورفعن لافتات ضخمة قلن فيها لحكومة حزب "القانون والعدالة" (بالإنجليزية: Law and Justice) اليمينية الشعبوية "اخرجوا يا منايك" و"اغربوا عن وجوهنا" وحملن علم قوس قزح إقراراً بالتلاحم والترابط بين المقاومة النسوية ومقاومة مجتمع الميم عين للنياكة الفاشية التي تمارسها الدولة.
قاطعت النساء والناشطات/ون الكويريات/ون قداس يوم الأحد رافعات/ين أصواتهن/م بـ "بذاءات" احتجاجاً على دعم الكنيسة الكاثوليكية لتقييد الإجهاض، وفي إحدى المدن، أحاطت شابات بقسيس وصرخن في وجهه "ارجع إلى الكنيسة" و"نيكاً لك".
يصر النظام الأبوي على التحكم في أفواهنا كما يصر على التحكم في أرحامنا.
الأدب أبعد ما يكون عن النظام الأبوي الاستعلائي الأبيض وعن المتعصبين الذين نصبهم قضاةً في المحكمة العليا والذين على وشك التصويت ضد إجراء طبي يعتقد غالبية الناس في الولايات المتحدة أنه يجب أن يكون من حق الشخص الحامل فحسب.
لا يوجد شيء مؤدب أو مهذب في النظام الأبوي.
مَنْ المستفيد من التمسك بهذه الأعراف الاجتماعية؟ يُستغَل التأدب، والأدب، والتهذيب، وما شابه لدعم السلطة المتمثلة في النظام الأبوي، والعرق الأبيض، والثروة، وأشكال الامتياز الأخرى ويتم حثنا على الإذعان من أجل الحفاظ على هذه السلطة.
نحن غير ملزمات/ين بإظهار الاحترام لمن هم في السلطة، وأنا أرفض السماح لمن لا يعترفون بإنسانيتي الكاملة عن طريق الانتقاص من استقلاليتي الجسدية بتوقع الأدب مني.
ما الذي سيبدو عليه العالم لو تم استثمار الطاقة المستهلكة في فرض الرقابة على أفواهنا ومهابلنا وأرحامنا في مراقبة الضرر الحقيقي الذي يحدثه العنف الأبوي؟؛ فحظر الإجهاض عنف يمارسه النظام الأبوي ضدنا.
لا تعني النسوية أن ننجح أنا وصديقاتي في اجتياز مضمار حواجز النظام الأبوي لنعيش للأبد في جنة ما بعد النسوية، بل هي تدمير تلك الحواجز التي تعيق النساء الأخريات الغارقات في وحل منيكة النظام الأبوي الآن وهنا.
الطموح
قصة النجاح غالباً ما تكتبها نساء بيضاوات من الطبقتين المتوسطة والعليا ومن أجلهن ثم تُقدّم لبقيتنا كطموح معبأ مسبقاً لاستهلاكنا، وهؤلاء النساء البيضاوات ذاتهن هن الأقل تضرراً من حظر الإجهاض لأن لديهن الوقت والموارد اللازمة للوصول إلى رعاية الإجهاض الآمن.
الحقوق الإنجابية هي الهدف بالنسبة لهن.
يتحتم علينا أن نعيد صياغة ما يعنيه الطموح وما هي تطلعاته، وأنا أطمح إلى إعادة توظيف كلمة الطموح لتعني أكثر من مجرد نجاح فردي ومؤسسي؛ فأنا أطمح إلى تدمير النظام الأبوي.
لا يمكن حل مشكلة النظام الأبوي، والعنصرية، والاستغلال الرأسمالي على أساس فردي بالاحتفاء بالحالات الاستثنائية التي تنجو وتزدهر رغم القمع المنهجي، ولا تعني النسوية أن ننجح أنا وصديقاتي في اجتياز مضمار حواجز النظام الأبوي لنعيش للأبد في جنة ما بعد النسوية، ولا تعني تجاوز قلة من النساء لهذه الحواجز، بل هي تدمير تلك الحواجز التي تعيق النساء الأخريات الغارقات في وحل منيكة النظام الأبوي الآن وهنا.
.
يجدر هنا الحديث عن "العدالة الإنجابية"، وهي مصطلح صاغته مجموعة من النساء السوداوات أطلقن على أنفسهن اسم "نساء من أصل أفريقي من أجل العدالة الإنجابية" (بالإنجليزية: Women of African Descent for Reproductive Justice) في عام 1994، وقد قصدن به "الحق الإنساني في الحفاظ على الاستقلالية الجسدية الشخصية، وإنجاب الأطفال، وعدم إنجاب الأطفال، وتربية أطفالنا في مجتمعات آمنة ومستدامة".
يشير تجمع "سسترسونغ" (بالإنجليزية: SisterSong، ويعني حرفياً "أغنية الشقيقات") الذي يعمل على تحسين الحياة الإنجابية للمجتمعات المحلية المهمشة إلى هذه المجموعة بقول إنهن "قد أدركن أن حركة حقوق المرأة التي تقودها النساء البيضاوات الثريات واللاتي ينتمين للطبقة المتوسطة وتمثلهن لم تستطع الدفاع عن احتياجات النساء ذوات البشرة الملونة وغيرهن من النساء المهمشات والعابرات/ين جنسياً".
ينبغي أن يكون طموحنا ضمان دخل أساسي شامل.
ينبغي أن يكون طموحنا ضمان توفير السكن للجميع.
ينبغي أن يكون طموحنا ضمان حصول الجميع على تعليم ورعاية صحية مجانيين.
الحركة النسوية الأرجنتينية "ني أونا مينوس": "لن نُحرَق لأننا من سنشعل النيران هذه المرة".
أستمد القوة من الثورات النسوية ضد حظر الإجهاض حول العالم، ومن الأهمية بمكان أن نتذكر أن الولايات المتحدة ليست محور الكون وأنها يجب أن تتعلم من المقاومة النسوية العالمية ضد منيكة النظام الأبوي.
لا تدور الثورات أبداً حول أحداث فردية، ولن يتفكك النظام الأبوي بضربة واحدة، ولا بد من توجيه ضربات عدة لاستهداف أشكال الطغيان المختلفة، ويستغرق هذا الأمر وقتاً، وعلينا أن نعرّف القوة بطريقة تحررنا من التسلسلات الهرمية للنظام الأبوي، ولابد أن نتخيل العالم الذي نريده وأن نعيد تعريف ماهية القوة وكيف يمكن للقوة أن تخرّب النظام الأبوي بدلاً من أن تدعمه، ويجب أن نتخيل أشياء أفضل، وبوسعنا فعل ذلك.
قوة النظام الأبوي شديدة، وقوتنا على تخيل تحررنا منه يجب أن تكون أكثر ضراوة، ويتضح بصورة متزايدة حول العالم أن التحالفات النسوية والكويرية قوية وفعالة وضرورية بصفة خاصة في مقاومة النظام الأبوي، بما في ذلك مقاومة حظر الإجهاض، ومن أمثلة ذلك التحالف الحاصل في بولندا ضد حظر الإجهاض، حيث الُتقِطت الصورة أدناه.
نشأ تحالف مماثل في الأرجنتين في حملة إلغاء تجريم الإجهاض في الأسابيع الأربعة عشرة الأولى من الحمل.
احتفل بيان نُشِر قبل يوم من التصويت بقوة تحالف الحركة النسوية الأرجنتينية "ني أونا مينوس" (بالإسبانية: Ni una menos وبالإنجليزية: Not one more، وتعني حرفياً "ولا امرأة واحدة أكثر") التي تحارب العنف القائم على النوع الاجتماعي في أمريكا اللاتينية، بغض النظر عن قرار مجلس الشيوخ الأرجنتيني، ورد فيه: "بالنسبة لنا، نحن النساء والرجال والعابرون/ات، كان هناك انتصار جماعي بالفعل؛ فقد أظهرنا أجسادنا، وإجهاضاتنا، ورغباتنا للعلن ولن نعود للاختباء مرة أخرى".
أكدت حركة "ني أونا مينوس" على أنها لن تغادر الشوارع، بغض النظر عن النتيجة التي يؤول إليها القانون، حتى يصبح الإجهاض القانوني والآمن والمجاني متاحاً في الأرجنتين، حيث تبلغ نسبة تأييد الرأي العام لمشروع القانون 60%، وفي الولايات المتحدة رأى 50 في المائة من المصوتين في استطلاع رأي أُجري مؤخراً إنه لا ينبغي نقض الحكم الصادر في قضية "رو ضد وايد"، ورأى 28 في المائة إنه يجب نقضه، بينما لم يحسم 22 في المائة أمرهن/م.
صوت المشرّعون في الأرجنتين بفارق ضئيل ضد مشروع قانون لتشريع الإجهاض في آب/أغسطس 2018.
وقد أعلنت حركة "ني أونا مينوس" عن أنه "إذا لم يصدر القانون، فلن نغادر نحن الشوارع ولن يتمكنوا هم من مغادرة مبنى الكونغرس الأرجنتيني؛ ففي الشارع الإجهاض القانوني هو القانون بالفعل، ولن نُحرَق لأننا من سنشعل النيران هذه المرة".
حُفِرَت هذه العبارة في قلبي وعقلي ولا زلت أتذكرها حتى اليوم.
وفي شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2020، أصبحت الأرجنتين أول دولة كبرى في أمريكا اللاتينية تشرع الإجهاض، وقد حفزت بذلك الحركات المناهضة لتجريم الإجهاض عبر أمريكا الوسطى والجنوبية.
استحوذن/وا على النيران وامتلكنها/امتلكوها واحرقن/وا النظام الأبوي عن بكرة أبيه.
العنف
اشتباك أعضاء من تجمع نسوي مع الشرطة خلال احتجاج لإحياء اليوم العالمي للإجهاض الآمن في مدينة مكسيكو في 28 أيلول/سبتمبر 2020 بعدسة كارلوس جاسو عبر رويترز
لطالما فعلت النسويات المكسيكيات ذلك: يستحوذن على النيران ويمتلكنها، وهن معروفات بجعل رجال الشرطة في بلادهن يرتعدن خوفاً خلف الدروع والحواجز أثناء الاحتجاجات النسوية.
هاجمت النساء المكسيكيات صفوف الشرطة وألقين زجاجات المولوتوف على الضباط في مدينة مكسيكو أثناء الاحتجاجات المطالبة بتشريع الإجهاض في عام 2020 في يوم الإجهاض الآمن الذي يتم الاحتفال به في الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر من كل عام، وكانت الصور التي اُلتِقَطت للاحتجاجات بمثابة تذكير بأن علينا أن نجعل النظام الأبوي يرتعد خوفاً منا.
صوتت المحكمة العليا المكسيكية لصالح إلغاء تجريم الإجهاض بعد أقل من عام من ذلك، في السابع من أيلول/سبتمبر 2021، وهو الأمر الذي أعطى زخماً للجهود الرامية إلى شطب الإجهاض من قوانين العقوبات الحكومية في جميع أنحاء البلاد، والإجهاض قانوني بالفعل في أربع ولايات.
من حقنا أن نعلن الحرب على النظام الأبوي؛ فقد أعلن النظام الأبوي الحرب علينا بالفعل.
هذا ليس وقت الأدب أو التهذيب أو احتجاجات قبعات الكُس الوردية التي تتضمن التقاط الصور "السيلفي" مع رجال الشرطة؛ فلابد لنا من أن نجعل النظام الأبوي يرتعد خوفاً منا.
تقول أساتا شاكور (بالإنجليزية: Assata Shakur)، العضو المؤسس لـ "جيش التحرير الأسود" (بالإنجليزية: Black Liberation Army) والعضو السابق في حركة "الفهد الأسود" (بالإنجليزية: Black Panther)، في سيرتها الذاتية: "لم يسبق لأحد في العالم وفي التاريخ الحصول على حريته/ا بمناشدة الحس الأخلاقي للأشخاص الذين يضهدونه/ا".
ليس من حق النساء والفتيات والكويريات/الكويريين مقاومة جرائم النظام الأبوي فحسب، بل من حقنا أن نقاوم لتفكيك النظام الأبوي ذاته، وهذا ما تفعله النسويات المكسيكيات اللائي يخرّبن الممتلكات، ويستولين على المباني الحكومية، ويستهدفن الشرطة أو يقاومنها.
استحوذن/وا على النيران وامتلكنها/امتلكوها واحرقن/وا النظام الأبوي عن بكرة أبيه.
الشهوة
يهدف حظر الإجهاض إلى معاقبتنا على التجرؤ على الأخذ بزمام ملكية أجسادنا ورغباتنا الجنسية خارج نطاق الأعراف، وهم يهدفون إلى فرض الرقابة على أجسادنا ومعاقبتنا على ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج بين رجل وامرأة.
وإدراكاً لذلك، يجب ألا نطالب بشيء أقل من الإجهاض لدى الطلب: إجهاض آمن ومجاني ولدى الطلب.
من الضروري أن ننتبه إلى ما يُعرَف باستثناءات الاغتصاب من حظر الإجهاض؛ فهناك استثناء في بعض الأحيان في البلدان التي تسري فيها قوانين تحظر الإجهاض في حالة الحمل الناتج عن الاغتصاب أو السفاح.
هذا لا يكفي.
تهدف استثناءات الاغتصاب إلى إنقاذ النساء من الجنس القسري بإنقاذهن من الحمل القسري.
ويهدف حظر الإجهاض إلى معاقبة النساء على رغبتهن ومتعتهن بإجبارهن على الحمل.
لا يجب اعتبار الحمل غير المرغوب به عقابًا على الدافع الجنسي أو التصميم على ممارسة الجنس بالتراضي خارج قواعد النظام الأبوي، والتسلسل الهرمي المحيط بالإجهاض بشع ولابد من رفضه، والإجهاض حق من حقوق الإنسان يجب أن يكون متاحاً لجميع من يرغبن/يرغبون به بغض النظر عن كيفية حملهن/م.
يقود المتعصبون والمتشددون حظر الإجهاض، وينبغي لنا ألا نرقص على أنغام أهوائهم بل أن نضاجع بقدر ما نريد من نريد (بموافقتهن/م بالطبع) متى نريد متنعمات/ين بمعرفة العواقب والحق في تحديدها.
لا ندين بأحد بتفسير إجهاضنا أو شرح أسبابه، وكما نُصر على رفض سيناريو "الضحية الشريفة" في حالة الاعتداء الجنسي، لابد أن نرفض سيناريو "المستفيد/ة المستحق/ة" للحصول على الإجهاض أيضاً.
الإجهاض حق من حقوق الإنسان وليس منحة أو مكافأة يتعين علينا أن نكسبها.
نيكاً للنظام الأبوي.
نيكاً لنظام الحكم الديني.
نيكاً للاستعلائية البيضاء.
نيكاً للمحكمة العليا.
ترجمة هبة مصطفى
منى الطحاوي كاتبة نسوية ومُعلّقة ومخرّبة للنظام الأبوي. يستهدف كتابها الأول الحجاب وغشاء البكارة: لماذا يحتاج الشرق الأوسط إلى ثورة جنسية (2015) النظام الأبوي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بينما ينقل كتابها الثاني الخطايا السبعة الضرورية للنساء والفتيات (2019) تخريبها للنظام الأبوي للعالم بأسره، وهو متاح الآن في إيرلندا والمملكة المتحدة. وقد نُشرَت تعليقاتها وآراؤها في الكثير من وسائل الإعلام حول العالم، كما أنها تصدر مقالات فيديو وتكتب رسائل إخبارية بعنوان "العملاقة النسوية" FEMINIST GIANT.
ستبقى رسائل "العملاقة النسوية" الإخبارية مجانية دائمًا لأنني أريدها أن تكون متاحة للجميع، لكن إذا قررتن/م اختيار الاشتراك المدفوع فأشكركن/م على ذلك! وممتنة لدعمكن/م! وإذا أعجبكن/م مقالي هذا وأردتن/م دعم كتاباتي بصورة أكبر، فيمكنكن/م الإعجاب/التعليق أدناه ومشاركته مع الآخرين والاشتراك باشتراك مدفوع – إذا لم تكنّ/تكونوا قد قمتن/م بذلك بالفعل – أو إهداء الاشتراك لشخص آخر اليوم